الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: السلوك لمعرفة دول الملوك **
كتب إلى مكة كتاب بالعزاء والهناء وان تقليد الشريف حسن بن عجلان يصل صحبة أمير الحاج وكتب إلى الأمير بيسق بذلك وإلى أمير المدينة النبوية أيضاً. وفي يوم السبت سادس عشره: اجتمع أيتمش والأمراء بالقلعة لتقرير أحوال الدولة فكتب بالعزاء والهناء إلى مملكة الشام وغيرها. وكتب إلى الأمير نعير بن حيار بإمرة آل فضل على عادته. وعزل الأمير شمس الدين محمد بن عنقاء بن مهنا وعرف بموت الظاهر وقيام الملك الناصر وحُمل إليه التشريف على يد الأمير أسنبغا الدوادار. وجهز سودون الطيار أمير أخور بالكتب إلى دمشق ومعه تشريف وتقليد ونسخة يمين وستة أروس خيل. وجهز الأمير يلبغا الناصري إلى حلب بمثل ذلك والأمير تغري بردي قرا إلى طرابلس بمثل ذلك والأمير أرتبغا الحافظي إلى حماة ومعه خمسة أروس من الخيل والأمير بشباي إلى صفد والأمير شاهين كتك الأفرم إلى الكرك وعلى يد كل منهم كتاب يتضمن العزاء بالظاهر والهناء بالناصر. وأن يحلف نائب السلطة والأمراء على العادة فساروا على خيل البريد. وقرر الأمير أيتمش مع الأمراء إبقاء الأمور على ما هي عليه وأكد على الوزير تاج الدين عبد الرزاق والأمير يلبغا الأستادار في الكف عن ظلم الرعية وتجهيز القسط والجامكية والعليق برسم المماليك السلطانية. وفي ثامن عشره: خرج المحمل إلى الحج صحبة الأمير شيخ المحمودي وجعل أمير المحمل. وقدم أمير الركب الأول الأمير الطواشي سيف الدين بهادر مقدم المماليك. وفيه اجتمع الأمراء بالقلعة على عادتهم للخدمة وتأخر الأمير سودون أمير أخور عن الحضور فبعث الأمراء إليه ليحضر فامتنع فكرروا الإرسال إليه ثلاث مرات إلى أن حضر فكلموه في النزول من الإصطبل فلم يجبهم إلى ذلك فتخيلوا منه واتهموه أنه يريد إثارة فتنة فقبضوا عليه وعلى الأمير علي بن أينال وأخرجوا ما كان له بالإصطبل من خيول وقماش ونحو ذلك. وسكن الأمير أيتمش مكانه وأنزل بسودون وابن إينال مقيدين إلى الحراقة وجهزا إلى وفي العشرين منه نودي بالقاهرة ومصر بخروج طائفة العجم من مصر وهدد من تأخر بعد ثلاثة أيام بالقتل فلم يخرج منهم أحد وسكت عن ذلك. مما بلغ الأمراء عن الخاصكية أنهم قد اتفقوا على القبض عليهم عند طلوعهم إلى الخدمة بالقلعة فكثر خوفهم. وخُلع على الأمير يشبك الشعباني الخازندار واستقر لالا السلطان ومعه الأمير قطلوبغا الكركي لالا أيضاً. فلما كان يوم الخميس حادي عشرينه: جلس السلطان بدار العدل على عادة الملوك وخلع على الأمير أيتمش وعلى الأمير تغري بردي أمير سلاح والأمير بيبرس الدوادار والأمير أرغون شاه أمير مجلس والأمير أرسطاي رأس نوبة والأمير يلبغا إستادار والوزير تاج الدين والأمير ناصر الدين محمد بن سنقر والأمير فارس حاجب الحجاب والأمير تمربغا المنجكي أمير حاجب ومد السماط على العادة. ودخل السلطان من دار العدل إلى القصر. وجلس القضاة بجامع القلعة حتى يخلع عليهم وعلى بقية أرباب الدولة. فعندما تكامل الأمراء بالقصر أغلق الخاصكية باب القصر وكان رأسهم يومئذْ سودون طاز وسودون بن زاده وأقباي رأس نوبة وجهاركس المصارع. ثم سلوا سيوفهم وهجموا على الأمراء وقبضوا على أرسطاي وتمراز الناصري وتمربغا المنجكي وطغنجى وبلاط السعدي وطولو رأس نوبة وفارس الحاجب. وفر مبارك شاه وطبج فأدركا وقبض عليهما. وبلغ ذلك يلبغا أستادار - وكان خارج القصر - فخلع خلعته وسل سيفه ونزل من القلعة إلى داره. وأحضر الخاصكية الأمراء المقبوض عليهم إلى عند الأمير أيتمش - وقد بهت وأسكت - فقيدوا أرسطاي رأس نوبة وتمراز وتمربغا المنجكي وطغنجي أحد أمراء الطبلخاناه وطولو وبلاط من الطبلخاناه أيضاً. وأطلقوا من عداهم. واستدعي يلبغا أستادار فلما حضر قبض عليه وقيد. وأنزل بالأمراء المقبوض عليهم إلى الحراقة فأحضروا إلى الإسكندرية في ليلة السبت ثالث عشرينه ارسطاي وتمراز وطولو. وأحضروا إلى دمياط تمربغا المنجكي وبلاط السعدي وطغنجى الأشرفي. وعصروا الأمير يلبغا ليحضر المال وأسلموه إلى القاضي سعد الدين إبراهيم بن غراب ليحاسبه فنزل به إلى داره. وسألوا يلبغا السالمي بوظيفة الأستادارية فامتنع فعرضوها على ابن سنقر وابن قطينة فلم يوافقا فخلع على الأمير زين الدين مبارك شاه واستَقر أستاداراً عوضاً عن يلبغا المجنون في ثالث عشرينه.وفيه أمر بالنفقة على المماليك فتولى الإنفاق عليهم يلبغا السالمي وأعطى بحضرة السلطان كل مملوك من أرباب الخدم الجوانية ستين ديناراً صرف كل دينار ثلاثين درهماً وكل واحد من أرباب الأشغال البرانية خمسمائة درهم. ونودي أن يكون سعر الدينار ثلاثين درهماً فإن الناس كانوا قد توقفوا في الذهب بعد موت السلطان وانحط من ثلاثين إلى ثلاثة وعشرين درهماً الدينار فشق ذلك على الناس وخافوا الخسارة لما كانوا يظنونه من انحطاط سعر الذهب فجاء الأمر بخلاف ما في ظنونهم. ولم يزل يرفع حتى بلغ ما لم يكن في بال أحد قط. وفي يوم الاثنين خامس عشرينه: تأخر سائر الأمراء الألوف عن حضور الخدمة بالقلعة خوفاً من الخاصكية فإن الأمور صارت معذوقة بهم فبعث الخاصكية إلى الأمراء بالحضور فأبوا من ذلك. فنزل حينئذٍ الخاصكية إلى الإصطبل في خدمة الأمير أيتمش واستدعوا الأمراء من منازلهم فحضروا وكثر الكلام بينهم إلى أن اتفقوا جميعاً وتحالفوا على الائتلاف وطاعة الأمير الكبير أيتمش والملك الناصر. وحلف لهم أيتمش أيضاً ثم حلفوا سائر المماليك والخدام وتولى ذلك يلبغا السالمي وقام أيضاً في أمر المرتجع من إقطاعات الأمراء حتى تقرر أن يكون المرتجع من الأمير المقدم خمسين ألف درهم ومن الطبلخاناه عشرين ألف درهم.ومن أمير عشرين عشرة ألاف ومن أمير عشرة خمسة آلاف ومن أمير خمسة ألفين وخمسمائة وكتب بذلك مرسوم سلطاني خلد في الدواوين. وفيه خلع على الأمير قطلوبغا الحسني الكركي شاد الشرابخاناه عوضاً عن سودون المارديني مضافاً لما بيده. وأنعم على الأمير قراكسك بتقدمة ألف. وفي يوم الثلاثاء سادس عشرينه: خلع على الوزير تاج الدين عبد الرزاق واستقر أستاداراً عوضاً عن مبارك شاه بحكم استعفائه فباشر الوظيفتين. وفيه كتب مرسوم باستمرار الأمير قرا يوسف في نيابة الرها على عادته. وباستمرار الأمير دمشقَ خجا في نيابة جعبر على عادته. وفي ليلة الأربعاء سابع عشرينه: هرب الأمير شهاب الدين أحمد بن الزين والي القاهرة فخلع على شرف الدين عيسى فلان الشامي عوضه في يوم الأربعاء. وقبض على ابن الزين وسلم إليه. وكادت العامة أن تقتله لبغضهم فيه فضرب بالمقارع ضرباً مبرحاً عند فلان وألزم بحمل أربعمائة ألف درهم. وفيه ورد الخبر بأن بايزيد بن عثمان ملك الروم تحرك للمشي على بلاد الشام وأن تمرلنك القائم ببلاد العجم أخذ ممالك الهند.وفي ثامن عشرينه: ورد الخبر بأن الأمير تنم نائب الشام أخذ قلعة دمشق وذلك إنه كان بالمرج من غوطة دمشق فلم يشعر الناس به في ليلة الأربعاء - العشرين منه - حتى حضر إلى دار السعادة ثلث الليل. فلما أصبح استدعى الأمير جمال الدين يوسف الهذباني نائب القلعة بحجة أن الملك الظاهر طلبه فعندما نزل إليه قبض عليه وبعث من تسلم القلعة فكثر كلام الناس إلى أن أذن الظهر وصل فارس دوادار تنم من مصر وأخبر بموت الملك الظاهر وإقامة ابنه الناصر وتحكم الأمير أيتمش وأن سودون الطيار قادم بالخلعة والتقليد. فخرج الأمير تنم إلى لقائه ولبس الخلعة خارج المدينة. واجتمع القضاة والأعيان بدار السعادة. وقرئ عليهم كتاب السلطان الملك الناصر فأجابوا بالسمع والطاعة ونودي في البلد بالأمان والزينة فزينت الأسواق ودقت الكوسات وسر الناس بذلك. وأخذ الأمير تنم يصرح بأن السلطان صغير وكل ما يصدر ليس هو عنه وإنما هو عن الأمراء وأنا وصى السلطان لا يعمل شيء إلا بمراجعتي ونحو هذا. فترقب الناس بدمشق وقوع الفتنة وبلغ هذا نائب حمص فأخذ القلعة وأخذ أيضاً نائب حماة قلعتها. شهر ذي القعدة أوله الأحد: في ثانيه: ركب طغيتمر - مقدم البريدية - البريد ومعه ملطفات لأمراء الورسق والأمراء الأوجقية ومطلق لنواب المماليك والقلاع ومثال لأحمد بن رمضان نائب أذنة ولأمراء التركمان ولنائب حلب ونائب سيس وصحبته أقبية مطرزة بفرو وخمس عشرة قطعة وفوقانيات حرير بأطرزة زركش أربع وعشرون قطعة وتشاريف عدة كثيرة. وفي ثالثه: فرغ تحليف المماليك. وفيه أنعم على الأمير سيف الدين أينال باي بتقدمة ألف وخبز أرسطاي. وعلى سودون من علي بك - المعروف بطاز - بتقدمة تمراز وعلى يلبغا الناصري بتقدمة سودون أمير أخور وعلى أقباي بن حسين شاه بتقدمة تمربغا المنجكي. وأنعم على الأمير شرف الدين يعقوب شاه بطبلخاناه زيادة على طبلخاناته فصارت تقدمة ألف بثمانين فارساً وأنعم على كل من قرابغا الأسنبغاوي وينتمر المحمدي وأقباي الأينالي بإمرة طبلخاناه وعلى الأمير جرباش الشيخي بإقطاع يلبغا المجنون بخمسين فارساً وعلى أقبغا المحمدي بطبلخاناه وعلى كل من تمر الساقي وجركس المصارع وأينال حطب وكمشبغا الجمالي وألطنبغا الخليلي وكزل البشمقدار وقاني باي العلاي وجكا من عوض وصوماي الحسني بإمرة عشرة.وفي خامسه: جلس السلطان بدار العدل وحضر الأمراء والقضاة وسائر أرباب الدولة على العادة. وفي سابعه: خلع على سودون المارديني واستقر رأس نوبة كبيراً عوضاً عن أرسطاي وعلى يعقوب شاه واستقر حاجباً ثانياً عوضاً عن تمربغا المنجكي وعلى كل من سودون بن زاده وتنكز بغا الحططي وخاير بك من حسين شاه وبشباي وجكم وأقيغا المحمدي الأشقر واستقروا رؤوس نوب. وفي ثامنه: نودي على النصب بأن يكون صرف الدينار الإفرنتي بثمانية وعشرين درهماً والهرجة بثلاثين درهماً وكان قد انحط سعره فشق ذلك على الناس وتغيب الصيارفة وتوقفت أحوال الناس. وفي تاسعه: خلع على قرابغا الأسنبغاوي وسمذ المحمدي ومقبل وعملوا حجاباً فصارت الحجاب ستة. وخلع على تمان تمر الأشقتمري بنيابة قلعة دمشق ثم بطل أمره. وحضر الأمير سيف الدين دقماق نائب ملطية بتقادم كثيرة. وخلع على برهان الدين إبراهيم بن علي التادلي وأعيد إلى قضاء المالكية بدمشق عوضاً عن البرهان القفصي.وفي ثاني عشره: - خلع على جرباش الشيخي وتمان تمر واستَقرا من رؤوس النوب. وخلع على كزل المحمدي البشمقدار - المعروف بالعجمي الأجرود - واستقر أستادار الصحبة عوضاً عن قرابغا الأسنبغاوي وعلى سعد الدين أبي الفرج بن تاج الدين موسى بن كاتب السعدي واستقر ناظر الإصطبلات السلطانية. وعلى كل من الطواشيين شاهين السعدي الأْشرفي وعبد اللطيف الشرفي وصارا لالا السلطان. وعلى الأمير ناصر الدين محمد بن علي بن كلفت واستقر نقيب الجيش وعلى علاء الدين على بن قرط بولاية أطفيح. وفي رابع عشره: خلع على الشيخ جلال الدين أحمد - ويقال له إسلام - بن نظام الدين إسحاق الأصفهاني. وأعيد إلى مشيخة الشيوخ بخانقاه سرياقوس عوضاً عن الشريف فخر الدين بعد وفاته. ونودي أن يكون صوف الدينار المختوم بثلاثين درهماً والإفرنتي بثمانية وعشرين درهماً. وكان بعد موت السلطان قد انحط المثقال من اثنين وثلاثين إلى خمسة وعشرين والدينار الإفرنتي من ثلاثين ونصف إلى عشرين درهماً. وفي خامس عشره: أخرج الأمير يلبغا المجنون إلى الإسكندرية فسجن بها.وفي سابع عشره: خُلع علي وكتب إلى حسبة القاهرة. وعلى زين الدين عبد الرحمن بن الكويز بنظو الدولة عوضاً عن شمس الدين عبد الله الهيصم. واستدعى شيخ الإسلام والقضاة وأعيان الفقهاء إلى حضرة الأمير الكبير أيتمش بالحراقة من الإصطبل. وقد حضر الأمراء والخاصكية بسبب الأموال التي خلفها الملك الظاهر: هل تقسم بين ورثته أو تكون لبيت مال المسلمين فوقع كلام محير آخره أن يفرق في ورثته منه السدس وما بقي فلبيت المال. وفيه استقر الأمير أرغون شاه البيدمري أمير مجلس في نظر الشيخونية عوضاً عن يلبغا السالمي وخلع عليه في تاسع عشره وخلع على جاني بك اليحياوي بنيابة قلعة دمشق وتوجه إليها. وفيه قدم فخر الدين ماجد بن غراب ناظر الإسكندرية. وفي حادي عشرينه: خلع على الأمير سودون الطيار واستَقر أمير أخور عوضاً عن الأمير سودون قريب السلطان. وفي يوم الاثنين ثالث عشرينه: خلع على الأمير شهاب الدين أحمد بن الحاج عمر المعروف بابن قطينة الحسني واستقر وزيراً عوضاً عن تاج الدين عبد الرزاق والي قطيا وسلم إليه ليعاقبه وخلع فيه أيضاً على الأمير يلبغا السالمي واستقر أستاداراً عوضاً عن الوزير تاج الدين. وعلى شهاب الدين أحمد بن أسد الكردي الطبرادار بولاية المنوفية وعزل كزل المحمدي. وعلى علم الدين سليمان بن يوسف الشهرزوري الكردي واستقر في ولاية مصر على عادته عوضاً عن ركن الدين عمر بن ممدود بن الكوراني. وفي سادس عشرينه: وصل يلبغا الناصري من حلب وأسنبغا من عند نعير وأخبرا باجتماع الكلمة على الملك الناصر. وتوجه أسندمر الخاصكي على خيل البريد لإحضار علاء الدين علي بن الطبلاوي من القدس فورد في عدة البريد بأن نائب الشام استدعاه إلى دمشق وأنه سار إليه. وفي ثامن عشرينه: استقر تاج الدين عبد الله بن سعد الدين نصر الله بن البقري في نظر الإسكندرية عوضاً عن فخر الدين ماجد بن غراب. وفي تاسع عشرينه: أعيد نور الدين علي بن عبد الوارث البكري إلى حسبة مصر. وعزل شمس الدين محمد الشاذلي الإسكندراني. شهر ذي الحجة أوله الاثنين: ففي أوله: استقر بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى بن أحمد العينتابي الحنفي في حسبة وفي رابعه: صرف ابن قطينة من الوزارة باستعفائه فخلع عليه ورد إليه التحدث في أمر الكارم كما كان قبل الوزارة. وخلع على فخر الدين بن غراب خلعة الوزارة فصار إليه والي أخيه سعد الدين إبراهيم أمر الدولة. وفيه فرق السلطان الأضاحي بالدودار من القلعة على العادة في كل سنة. وخلع على القاضي سعد الدين إبراهيم بن غراب. وحضر على البريد جاني بك اليحياوي نائب قلعة دمشق ومعه نسخة يمين الأمير تنم نائب الشام بإقامته على الطاعة وأنه يريد من الأمراء الحلف ألا يغيروا عليه ولا يؤذوه فحلف الأمير أيتمش بحضرة القضاة وحلف له أيضاً جميع الأمراء وعاد جاني بك بنسخ الأيمان على البريد. وفي سابعه: وهو سادس عشر مسري سنة ألف وست عشرة من تاريخ القبط أوفى النيل ستة عشر ذراعاً فنزل الأمير فارس حاجب الحجاب وخلق المقياس وفتح الخليج على العادة. وفي ثالث عشره: ورد الخبر بأن ابن عثمان ملك الروم أخذ الأبلستين وعزم أن يمشي على البلاد الشامية فطلب الأمراء والقضاة وأرباب الدولة إلى القصر السلطاني في يوم الاثنين خامس عشره وقرئ عليهم كتب تتضمن أن ابن عثمان ملك الروم بعث أخاه عليا بالعساكر وأنه أخذ ملطة والأبلستين وفر منه صدقة بن سولي فتسلمها في ثامن عشرين ذي القعدة وأنه محاصر درندة فوقع الاتفاق على المسير إلى قتاله وتفرقوا فأنكر المماليك السلطانية صحة ذلك وقالوا " هذا حيلة علينا حتى نخرج من القاهرة فقط " وعينوا سودون الطيار أمير أخور لكشف هذا الخبر. وفيه أعيد شمس الدين محمد الأخناي إلى قضاء دمشق وعزل أصيل الدين محمد بن عثمان الأشليمي فكانت ولايته نحو مائة يوم. وفي ثامن عشره: قدم أسندمر وأخبر أن ابن الطبلاوي ترك لبس الأمراء وتزيا بزي الفقراء وجاور بجامع بني أمية واستجار بالمصحف العثماني وامتنع من الحضور إلى مصر وأن نائب الشام قال: " هذا رجل فقير وقد قنع بالفقر اتركوه في حاله " فتركه. وفيه سار سودون الطيار على خيل البريد لكشف الأخبار فدخل دمشق في العشرين منه. وأخرج مرسوم السلطان بتجهيز عساكر الشام إلى بلاد ابن عثمان فنودي في البلد بذلك وتوجه إلى حلب. وفي هذا الشهر: أبطل السالمي تعريف منية بنى خصيب وضمان العرصة وأخصاص الغسالين وكتب بذلك مرسوماً سلطانياً بعثة إلى الأشمونين نودي بإبطال ذلك في سواحل البلاد وفي منية بني خصيب ونقش على باب جامعها فبطلت هذه المظالم.وأبطل أيضاً وفر الشون السلطانية وكان في كل سنة آلافاً من الأرادب وأبطل المقرر على البردار وهو في كل شهر سبعة آلاف درهم والمقرر على مقدم المستخرج وهو ثلاثة آلاف درهماً في كل شهر. وأبطل ما كانت السماسرة في الغلال تأخذه من المبتاعين وهو عن كل أردب درهمين. وكتب عليهم ألا يأخذوا عن كل أردب سوى نصف درهم. وفي سابع عشرينه: استقر قطلوبغا التركماني الخليلي في ولاية الشرقية على عادته. وعزل أرغون واستقر صارم الدين إبراهيم بن محمود والي أشموم طناح. وعزل قطلوبغا الجنتمري. وأما نائب الشام فإنه لما استولى على قلعة دمشق وصل إليه في سادس عشر ذي القعدة شخص ادعى أنه فداوى بعثه الأمير أيتمش ليقتله وأحضر سكيناً بدار السعادة فوصله بمال وصرفه فتحدث الناس أن هذه مكيدة ومقدمة لإظهار الخلاف وأخذ النائب يسب أيتمش في مجلسه. ويظهر الخلاف عليه. فلما قدم الأمير جاني بك اليحياوي دمشق على نيابة القلعة لما يمكنه منها ورده ومعه سونج بغا - أحد مماليكه - ليحلف الأمراء فحلفا الأمراء وعادا إليه في نصف ذي الحجة ومعهما تشريف فلبسه إلى دار السعادة ونزعه عنه وألبسه الذي قدم به عليه. ودافع جاني بك عن القلعة وأعاد مملوكه سونج بغا إلى مصر. وبعث إلى قلعة الصبيبة فأفرج عن أقبغا اللكاش وألجى بغا الحاجب وخضر الكريمي واستدعاهم إلى دمشق فقدموا عليه في ثاني عشرين ذي الحجة وأنزلهم بدار السعادة. ومات في هذه السنة من الأعيان قاضي القضاة عماد الدين أحمد بن عيسى بن موسى بن عيسى بن سليم بن جميل الأزرقي العامري الكركي الشافعي بالقدس في سادس عشرين ربيع الأول. ومات أمير حاج بن مغلطاي أحد الأمراء ونائب الإسكندرية بدمياط في ربيع الأول. ومات أرغون شاه الإبراهيمي نائب حلب بها في صفر ليلة الخامس والعشرين منه فكانت جنازته عظيمة جداً لأنه كان أظهر من العدل بحلب أمراً كبيراً. اتفق أنهم اكتروا لديوانه جمالاً لنقل الملح فأخذت سرية من العرب الجمال فأحضر أربابها وجعل بعلي من حلف قيمة جمله التي يحلف عليه. وهذا غريب في زماننا وقيل إنه مات مسموماً. كان أولاً خازنداراً ثم ولي نيابة صفد ثم طرابلس ثم حلب. ومات بكلمش العلاي أمير سلاح وأمير مجلس بالقدس في صفر. ومات تمان بغا الحسني نائب حمص.ومات الشيخ المقرئ المعتقد خليل بن عثمان بن عبد الرحمن بن عبد الجليل ويعرف بابن المشبب في سادس عشرين ربيع الأول. ومات شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن محمد العبادي الحنفي في ليلة الأحد تاسع عشرين ربيع الآخر. وكان من فضلاء الحنفية درس في عدة فنون وناب في الحكم بالقاهرة. وَمات الأديب علاء الدين علي بن أيبك الدمشقي بها في ثاني عشرين ربيع الأول. ومات العارف شمس الدين محمد بن أحمد بن علي عرف بابن نجم الصوفي بمكة في صفر وقد جاور عدة سنين بمكة. ومات الخليفة المستعصم بالله زكريا بن إبراهيم بن محمد بن أحمد الحاكم وهو مخلوع في رابع عشرين جمادى الأولى. ومات الأمير شيخ الصفوي بقلعة المرقب مسجوناً. ومات الطواشي صندل المنجكي في ثالث رمضان. ومات الأمير صرغتمش المحمدي نائب الإسكندرية في ثالث عشر جمادى الأولى. ومات الأمير كمشبغا الحموي بسجن الإسكندرية في ثامن عشرين رمضان. ومات الملك المنصور محمد بن المظفر حاجي بن الناصر محمد بن المنصور قلاوون. وهو ومات قاضي القضاة ناصر الدين أحمد بن محمد بن محمد بن التنسي المالكي وهو قاضي أول شهر رمضان. ومات بدر الدين محمود بن عبد الله الكُلُسْتاني السراي كاتب السر وهو متول في عاشر جمادى الأولى. ومات الأمير قديد أحد الأمراء ونائب الإسكندرية وهو منفي في رابع ربيع الآخر بالقدس. ومات أحمد بن عبد اللّه الزهوري في أول صفر وكان شيخاً عجمياً ذاهب العقل للسلطان فيه اعتقاد كبير. ومات الأمير أزدمر دوادار السلطان وهو أمير. أهل المحرم بيوم الأربعاء وهو خامس توت: والأردب القمح بأربعين درهماً والشعير بخمسة وعشرين درهماً والفول بسبعة وعشرين والدينار المصري بثلاثين درهماً والدينار الإفرنتي بخمسة وعشرين درهماً. وفي ثانيه: استقر جمال الدين محمد بن عمر الطنبدي في حسبة القاهرة وصرف البدر محمود العين تابي. واستقر الأمير حاج بن أيدمر وإلى البهنسا وصرف حيواط السيفي. وفي سادسه: استقر الشريف الأمير علاء الدين على البغدادي وإلى دمياط في وظيفة شد الدواوين عوضاً عن شهاب الدين أحمد بن حسن بن خاص بك المعروف بابن خاص ترك البريدي وكان الملك الظاهر بعثه إلى بلاد الشام لتحصيل الأموال والأغنام. فلما مات الملك الظاهر عوقه الأمير تنم نائب دمشق. وكان قد جمع كثيراً من الأغنام والأموال. وفي سابعه: قبض على أمير حاج بن بيدمر وسجن. وذلك أنه كان يلي الفيوم أيام الأمير منطاش فحبس عنده الأمير تمرباي الحسني حاجب الحجاب والأمير قرابغا العمري أمير مجلس والأمير أردبغا العثماني والأمير يونس الأسعردي والأمير طغاي تمر الجركتمري والأمير قازان المنجكي والأمير تنكز العثماني والأمير عيسى التركماني فبعث إليه الأمير صراي دوادار الأمير منطاش بقتلهم في السجن فألقي عليهم حائطاً قتلهم واحضر قاضي الفيوم وكتب محضراً بأنهم ماتوا تحت الردم.فلما انقضي تحكم منطاش وعاد الظاهر برقوق هرب من الخوف مدة حياة الظاهر. فلما مات الظاهر برقوق تعلق بخدمة الأمير تغري بردى أمير سلاح حتى استقر بشفاعته في ولاية البهنسا كما تقدم. وكانت ابنة الأمير تمرباي الحسني تحت تغري بردى فعرفها مماليك أبيها بأنه قاتل أبيها فما زالت بزوجها حتى قبض عليه وسجنه بخزانة شمايل واستقر عوضه الأمير ناصر الدين محمد الضاني. وفي ثامنه: أحضر الأمير يلبغا السالمي أوناط اليوسفي كاشف الوجه البحري. وضربه عريا بالمقارع والعصي معاً من أجل أنه أخرق برسوله. واستقر عوضه علاء الدين على بن طرنطاي في تاسعه. وفي سادس عشره: استقر جمال الدين يوسف بن قطلوبك - صهر ابن المزوق - في ولاية الغربية. وصرف علاء الدين على الحلبي. وفي سابع عشره: أطلق الأمير تنم نائب الشام من سجن الصبيبة الأمير ألجبغا والأمير خضر. وقدم دمشق وأطلق الأمير آقبغا اللكاش أيضاً. وفي ثامن عشره: استقر علاء الدين ألطنبغا وإلى العرب نائب الوجه القبلي وصرف علاء وورد الخبر بنزول ابن عثمان على ملطية ومحاصرتها وبها الأمير جمق من الظاهرية. وأن العشير ببلاد الشام كانت بينهم فتن وحروب قتل فيها آلاف. وكان من خبر أبي يزيد بن عثمان أن القاضي برهان الدين صاحب سيواس لما قتل كتب أهل سيواس إلى ابن عثمان يستدعوه فسار إليهم من فوره على عسكر كبير وملكها وأقام عليها ابنه سلمان ثم مضي إلى أرزنجان ففر منه طهر ابن حاكمها إلى تيمورلنك فأخذ ابن عثمان ماله وأفحش في حريمه بتمكين سواسه منهن وعاد إلى مملكته. وفي تاسع عشره: استقر القاضي نور الدين علي بن الشيخ سراج الدين عمر بن الملقن في إفتاء دار العدل مضافاً لمن بها. وفي عشرينه: استقر المقدم محمد بن عبد الرحمن مقدم الدولة وصرف الحاج زين الدين عمر بن صابر ورفيقه علي البديوي وقبض عليهما. وفي يوم الثلاثاء حادي عشرينه: ركب الملك الناصر من قلعة الجبل ومعه الأمير الكبير أيتمش وسائر الأمراء إلى تربة أبيه وشق القاهرة من باب النصر إلى باب زويلة وصعد القلعة. وهذه أول ركباته بعد السلطنة. وفيه دخل المحمل والحاج وشكوا من المشقة بشدة الحر وموت الجمال وأن الشريف حسن بن عجلان أمير مكة شكا إلى الأمير شيخ المحمودي أمير الحاج من الأمير بيسق أمير الرجبية والمتحدث في عمارة الحرم. وأن العبيد هموا غير مرة بقتله لثقله عليهم فاستدعاه واصلح بينه وبينهم وأقام بمكة ليتم عمارة الحرم وأن الأمير شيخ لما وصل إلى ينبع وهو عائد نادي في الحاج من كان فقيراً فليحضر إلى خيمة الأمير يأخذ عشرة دراهم وقميصاً فاجتمع عنده عدة من الفقراء فقبض عليهم وسلمهم إلى أمير ينبع وأمره أن ينزلهم في مراكب بالبحر ليسيروا إلى الطور ورحل بالحاج من فوره فتأخر الفقراء بينبع. وفي ليلة الجمعة رابع عشرينه: أفرج الأمير تنم نائب الشام عن الأمير جلبان من سجنه بقلعة دمشق. وفي خامس عشرينه: استقر علاء الدين أقبغا الزيني المزوق في ولاية الفيوم وكشفها وكشف البهنساوية والأطفيحية وصرف طيبغا الزيني من ولاية الفيوم. شهر صفر أوله الخميس: وفيه خلع على الأمير شهاب الدين أحمد بن أسد الهذباني الكردي الطبردار لولاية المنوفية وعزل اقبغا البشتكي. وفيه ركب الأمير تنم نائب الشام في موكب جليل بدمشق وركب معه الأميران جلبان وأقبغا اللكالش. وفيه كتب الأمير تنم إلى النواب يدعوهم إلى موافقته فلم يجبه نائب حلب ولا نائب حماة. وفي ثالثه: استقر شهاب الدين أحمد الطرخاني والي مصر وصرف علم الدين سليمان الشهرزوري. وفي سادسه: استقر بهاء الدين أرسلان والي العرب المعزول من ولاية القاهرة في نيابة الوجه البحري. وعزل علاء الدين علي بن مسافر. وقبص على الوزير بدر الدين محمد بن الطوخي وعلى ابنه سليمان وسلما إلى الشريف شاد الدواوين فضربهما وعصر الوزير على مائة ألف درهم تأخرت للأمير الكبير أيتمش في أيام مباشرته من ثمن اللحم المرتب له على الدولة فأوردا ثلاثة وثمانين ألفاً وضمنهما شرف الدين محمد بن الدماميني والمهتار عبد الرحمن في مبلغ سبعة عشر ألفا وأفرج عنهما فهربا وغرما ذلك من مالهما. وفيه استقر علاء الدين طيبغا الزيني في ولاية الفيوم على عادته وعزل أقبغا المزوق. وفيه قبض الأمير تنم نائب الشام على الأمير شهاب الدين أحمد بن خاص ترك شاد الدواوين وأخذ جميع ما جمعه من الأغنام والأموال وفوض أمر أستادارية الشام إلى الأمير علاء الدين الطبلاوي.وفي خامس عشره: أعيد شمس الدين محمد الشاذلي إلى حسبة مصر وصرف نور الدين على البكري. وفي خامس عشرينه: أحضرت جثة الأمير كمشبغا الحموي من الإسكندرية إلى تربته خارج باب المحروق. وفي هذا الشهر: تحركت الأسعار بالقاهرة. وذلك أن الظاهر لما مات كان أعلى سعر: القمح كل إردب بخمسة وعشرين مما دونها والشعير كل أردب من خمسة عشر درهماً إلى ما دون ذلك فأصبح في يوم السبت التالي لدفن الملك الظاهر كل إردب من القمح بأربعين درهماً من غير سبب. ودام ذلك حتى بلغت زيادة النيل في نصف المحرم من هذا العام - وهو سابع عشر توت - ثمانية أصابع من تسعة عشر ذراعاً وهبط عقيب ذلك أصابع. فلما انقضي شهر توت انحط الماء وتزايد السعر من أربعين درهماً الإردب القمح حتى بلغ ستين درهماً. وبلغ الأردب من الشعير والفول إلى خمسة وثلاثين بعد خمسة وعشرين والحملة من الدقيق - وهي زنة ثلاثمائة رطل بالمصري - مائة درهم والخبز أربعة أرطال بدرهم. وارتفع سعر غالب المأكولات. وفي آخره أبيع الرغيف بثمن درهم زنته سبع أواقي.وفيه أيضاً: تزايد الاختلاف بين الأمراء والخاصكية وكثر نفور الخاصكية من الأمير أيتمش وظنوا به وبالأمراء أنهم قد مالوا إلى نائب الشام. واتفقوا معه على إفناء المماليك بالقتل والنفي فتخيل الأمراء منهم واشتدت الوحشة بين الطائفتين. وتعين من الخاصكية سودون طاز وسودون بن زاده وجركس المصارع ووافقوا الأمير يشبك فصاروا في عصبة قوية وشوكة شديدة وشرع كل من الأمراء والخاصكية في التدبير والعمل على الآخر. وأما أمر الأمير تنم نائب الشام فإنه لما عاد إليه مملوك سونج بغا من مصر في ثالث عشر المحرم ومعه مرسوم شريف بتفويض أمور البلاد الشامية إليه وأن يطلق من شاء من الأمراء المحبوسين. أطلق الأمير جلبان من قلعة دمشق في ليلة الجمعة رابع عشرينه وأطلق الأمير أزدمر أخا أينال ومحمد بن أينال من طرابلس واحضرهما إلى دمشق. وبعث إلى نواب البلاد يدعوهم إلى القيام معه فأجابه يونس الرماح نائب طرابلس وألطبغا العثماني نائب صفد وأقبغا الأطروش نائب حلب. وامتنع من إجابته الأمير دمرداش المحمدي نائب حماة. وبعث تنم إلى نائب طرابلس أن يجهز شينيا إلى ثغر دمياط ليحمل فيه الأمير نوروز الحافظي وغيره من الأمراء المسجونين. فبادر ناصر الدين محمد بن بهادر المؤمني فتسلم برج الأمير الكبير أيتمش بطرابلس وركب البحر إلى دمياط وقدم إلى قلعة الجبل وأخبر بذلك. فكتب على يده عدة كتب ملطفات إلى الأمير قرمش حاجب طرابلس وغيره من القضاة والأعيان بأن قرمش الحاجب يثب على يونس الرماح نائب طرابلس ويقتله ويلي مكانه فسار بذلك. واتفق أن يونس الرماح قبض على قرمش الحاجب وقتله قبل وصول ابن بهادر. واستدعي نائب الشام بالأمير علاء الدين على بن الطبلاوي وأقامه متحدثاً في أمور الدولة كما كان بديار مصر وسلم إليه شهاب الدين أحمد بن خاص ترك شاد الدواوين في ثامن صفر هذا فأخذ منه ما جمعه من الأموال السلطانية. ثم إنه حلف الأمراء في ثاني عشره على أن يكونوا معه وتأهب للمسير إلى حلب وأخذ ابن الطبلاوي في طلب أرباب الأموال بدمشق وطرح عليهم السكر الحاصل من الأغوار فضر الناس كلهم بحيث أنه طرح ذلك على الفقهاء ونقباء القضاة وأهل الغوطة. فتنكرت القلوب على النائب بهذا السبب وكثر الدعاء عليه. وأظهر الأمير جنتمر نائب حمص الخلاف على تنم. وقدم البريد من حلب إلى قلعه الجبل في حادي عشرينه أن نائب حلب ونائب حماة ونائب حمص باقون على الطاعة وان تنم نائب دمشق خرج عن الطاعة وأطلق من السجن الأمير جلبان والأمير أقبغا اللكاش والأمير أحمد بن يلبغا والأمير أزدمر أخا إينال والجبغا الجمالي وخضر الكريمي فتحقق أهل الدولة حينئذ صحة ما كان يشاع من عصيان تنم وصرح الخاصكية بأن الأمير أيتمش قد وافقه على ذلك في الباطن وتحرزوا منه. وفي يوم الأربعاء ثامن عشرينه: كسفت الشمس قبل العصر. شهر ربيع الأول أوله السبت: فيه وجه الأمير تنم نائب الشام عسكرا إلى غزة مع الأمير آقبغا اللكاش. وفي ثالثه: أخرج عسكرا إلى حلب مع الأمير جلبان. وفيه قبض على بتخاص وسجن بقلعة دمشق. وفي يوم الخميس سادسه: استدعي الملك الناصر فرج بالأمير الكبير أيتمش إلى القصر وقال له: يا عم أنا قد أدركت وأريد أن أترشد. وكان هذا قد بيته معه الأمير يشبك والأمير سودون طاز فيمن معهما من الخاصكية ليستبد السلطان ويحصل لهم الغرض في أيتمش والأمراء ويمتنع أيتمش من تصرف السلطان فينفتح لهم باب إلى القتال ومحاربة أيتمش والأمراء. فأجاب أيتمش السلطان بالسمع والطاعة واتفق مع الأمراء والخاصكية على ترشيد السلطان وأن يمتثل سائر ما يرسم به. واستدعي في الحال الخليفة وشيخ الإسلام سراج الدين البلقيني وقضاة القضاة وقضاة العساكر ومفتو دار العدل وكاتب السر وناظر الجيش وغيره ممن عادته حضور المجالس السلطانية. وادعي القاضي سعد الدين إبراهيم بن غراب ناظر الجيش والخاص على الأمير أيتمش بأن السلطان قد بلغ راشداً. وأشهد عدة من الأمراء الخاصكية بذلك فحكم القضاة برشد السلطان وخلع على الخليفة وشيخ الإسلام وقضاة القضاة ومن حضر من بقية القضاة والفقهاء وعلى الأمير أيتمش. ونزل أيتمش إلى داره التي كان يسكنها في الأيام الظاهرية ونقل سائر ما كان له بالإصطبل السلطاني وللحال دقت البشائر ونودي في القاهرة ومصر بالزينة والدعاء للسلطان فزينتا. وفي هذا اليوم: عمل السلطان المولد النبوي على عادة أبيه وحضر معه الأمراء والقضاة ومن عادته الحضور. وفيه خرج الأمير تنم نائب دمشق منها إلى نحو حلب. وعمل نائب الغيبة الأمير أزدمر أخا أينال. وافترق من يومئذ العسكر فريقان فرقة مع أيتمش وفرقة مع يشبك. وانقطع يشبك بداره وأظهر أنه مريض فتخيل أيتمش ومن معه من الأمراء وظنوا أنها من يشبك حيلة حتى إذا دخلوا لعيادته قبض عليهم فلزم كل منهم داره واستعد. وأخلد أيتمش إلى العجز وأعرض عن إعمال الرأي والتدبير. وكان قد تبين منذ مات الظاهر عجزه وعدم أهليته للقيام بالأمر. فلما كان ليلة الاثنين عاشره: أشيع من العصر ركوب العساكر للقتال وماج الناس وكثرت حركاتهم فلم يدخل الليل حتى لبس أيتمش. ممن معه آلة الحرب. وملك أيتمش الصوة تجاه باب القلعة وأصعد عدة من المقاتلة إلى عمارة الأشرف تجاه الطبلخاناه ليرموا على من فيها ومن يقف على باب القلعة. و لم يخرج يشبك من بيته. وأخذ الأمير فارس حاجب الحجاب رأس الشارع الملاصق لباب مدرسة السلطان حسن ليقاتل من يخرج من باب السلسلة. وأخذ الأمير تغري بردي أمير سلاح والأمير أرغون أمير مجلس رأس سويقة منعم تجاه القصر. وركب الأمير يشبك الخازندار والأمير بيبرس الدوادار إلى القلعة. ودقت بها الكوسات الحربية. ولبست المماليك السلطانية. ولحق بهم من الأمراء سودون طاز وسودون المارديني ويلبغا الناصري وبكتمر الركني وأينال باي بن قجماس ودقماق المجدي نائب ملطية. ووقعت الحروب بين الفريقين من وقت العشاء الآخرة إلى السحر. وقد نزل السلطان من القصر إلى الإصطبل فاشتد قتال المماليك السلطانية وثبت لهم الأمير فارس وكاد يهزمهم لولا ما كادوه من أخذ مدرسة السلطان حسن ورميه من أعلاها إلى أن هزموه وأحاطوا بداره وهزموا تعري بردى وأرغون شاه بعدما أبلى تغري بردى بلاءاً كثيراً وأحاطوا بدورهما فصار الجميع إلى أيتمش. وقد امتدت الأيدي إلى دورهم فنهبوا ما فيها فنادي أيتمش بالقاهرة وظواهرها: من قبض مملوكاً جركسيا من المماليك السلطانية وأحضره إلى الأمير الكبير أيتمش يأخذ عرية " فحنقوا من ذلك وفارقه من كان معه من الجراكسة وصاروا إلى جهة السلطان ومالوا بأجمعهم على أيتمش فإنهزم. ممن بقي معه وقت الظهر من يوم الاثنين يريدون جهة الشام وانهزم معه من الأمراء الألوف أرغون شاه أمير مجلس وتغري بردي أمير سلاح وفارس حاجب الحجاب ويعقوب شاه الحاجب. ومن الطلخاناه ألطنبغا شادي وشادي خجا العثماني وتغري بردى الجلباني وبكتمر. جلق الناصري وتنكر بغا الحططي وأقبغا المحمودي الأشقر وعيسي فلان وإلى القاهرة. ومن أمراء العشرينات أسندمر الأسعردي ومنكلي بغا العثماني ويلبغا الظريف من خجا علي. ومن أمراء العشرات خضر بن عمر ابن بكتمر الساقي وخليل بن قرطاي شاد العمائر وعلى بن بلاط الفخري وبيرم العلاي وأسنبغا المحمودي ومحمد بن يونس النوروزي وألجي بغا السلطاني وتمان تمر الأشقتمري وتغري بردى البيدمري وأرغون السيفي ويلبغا البلشون المحمودي وباي خجا الحسني وأحمد بن أرغون شاه الأشرفي ومقبل أمير حاجب وناصر الدين محمد ابن علاء الدين على بن كلفت نقيب الجيش وخايربك بن حسن شاه وجوبان العثماني وكزل العلاي ويدي شاه العثماني وكمشبغا الجمالي وألطنبغا الخليلي وألطنبغا الحسني في تتمة نحو الألف. فمروا بالخيول السلطانية في ناحية وتجمع من المفسدين خلائق ونهبوا مدرسة أيتمش وحفروا قبر ولده الذي بها وأحرقوا الربع المجاور لها من خارج باب الوزير فلم يعمر بعد ذلك. ونهبوا جامع أقسنقر واستهانوا بحرمة المصاحف. ونهبوا مدرسة السلطان حسن وأتلفوا عدة من مساكن المنهزمين وكسروا حبس الديلم وحبس الرحبة وأخرجوا المسجونين. وقتل في هذه الواقعة من الأمراء قجماس المحمدي شاد السلاح خاناه من أمراء العشرات وقرابغا الأسنبغاوي وينتمر المحمدي من الأمراء الألوف. واختفي ممن كان معه مقبل الرومي الطويل أمير جاندار وكمشبغا الخضري فندب السلطان في طلب المنهزمين بكتمر الركني ويلبغا الناصري وأقبغا الطرنطاي من أمراء الألوف وأسنبغا الدوادار من الطبلخاناه وباشا باي بن باكي وصوماي الحسني من العشرات في خمسمائة من المماليك السلطانية فلم يدركوهم وعادوا. وفي حادي عشره: استقر قرابغا مغرق في ولاية القاهرة عوضاً عن عيسي فلان فنودي بين يديه أن من أحضر أميراً من أصحاب أيتمش أخذ ألف دينار. وفي ثاني عشره: استقر في ولاية القاهرة بلبان من المماليك السلطانية عوضاً عن مغرق فإنه مات من جراحة كانت به ونزل بالخلعة إلى القاهرة فمر من باب زويلة يريد باب الفتوح وعبر راكباً من باب الجامع الحاكمي وهو ينادي قدامه فإذا بالأمير شهاب الدين أحمد بن عمر بن الزين قد جاء إلى نحو باب النصر وهو ينادي بين يديه أيضاً. فلما التقيا وافي الطواشي شاهين الحسني ومعه خلعة ألبسها لابن الزين فبطل أمر بلبان وتصرف ابن الزين في أمور الولاية ونودي بالكف عن النهب وهدد من ظفر به من النهابة فسكن الحال. وفي ثالث عشره: خلع على أسندمر العمري بنقابة الجيش وعلى ناصر الدين محمد ابن ليلي بولاية مصر وعزل الشهاب أحمد الطرخاني. وفي رابع عشره: قبض على الأمير مقبل الرومي أمير جاندار من منزله ونهب ما وجد له. وأما تنم فإنه وجه الأمير آقبغا اللكاش في عدة من الأمراء والعساكر إلى غزة فساروا من دمشق في أوله وتبعتهم أطلاب أمراء دمشق. وخرجوا منها في ثالثه وعليهم الأمير جلبان ومعه الأمير شهاب الدين أحمد بن الشيخ علي وطيفور حاجب الحجاب بدمشق ويلبغا الأشقتمري وصرق الظاهري مساروا إلى حلب. وقبص الأمير تنم على الأمير بتخاص وموسي التركاني وحبسهما بقلعة دمشق من أجل أنه اتهمهما بالميل مع أهل مصر. ثم خرج تنم من دمشق فيمن بقي معه في سادسه يريد حلب وجعل الأمير أزدمر أخا إينال نائب الغيبة فوصل إلى حمص واستولي عليها وأقام فيها من يثق به. وتوجه إلى حماة. ووافاه يونس الرماح نائب طرابلس ومعه عسكر طرابلس فامتنع دمرداش المحمدي نائب حماة وقاتل تنم قتالاً شديداً وقتل من أصحابه نحو الأربعة و لم يقدر عليه تنم فأتاه الخبر على حماة بقيام أهل طرابلس. وذلك أنه لما قرب محمد بن بهادر المؤمني من طرابلس بعث. كلا معه من الملطفات لأربابها فوصلت إليهم قبل قدومه. ثم وصل. ممن معه في البحر فظنه نائب الغيبة من الفرنج فخرج إليه في نحو ثلاثمائة فارس من أجناد طرابلس فتبين له أنه من المسلمين فقاتلهم على ساحل البحر حتى هزمهم إلى برج أيتمش فأصبح الذين أتتهم الملطفات نادوا في العامة بجهاد نائب الغيبة نصرة لابن بهادر. وأفتاهم فقهاء البلد بذلك. ونهبت دار نائب الغيبة وخطب خطيب البلد بذلك فتسرعت العامة إلى النهب فانهزم نائب الغيبة إلى حماة وأعلم الأمير تنم بذلك فبعث بالأمير صرق على عسكر إلى طرابلس فقاتله أهلها قتالاً شديداً مدة تسعة أيام ودفعوه عنها. وفي أثناء ذلك ورد على الأمير تنم خبر واقعة الأمير أيتمش وأنه وصل إلى غزة ونزل بدار النيابة فأذن بدخوله ومن معه إلى دمشق ورجع من حماة بالعساكر وقد عجز عنها فدخل دمشق في خامس عشرينه وأرسل يونس الرماح نائب طرابلس في عسكره ومن انضم إليه من أمراء دمشق وهم: ألجي بغا الحاجب وخضر الكريمي في طائفة إلى طرابلس فدخلوا وانهزم ابن بهادر إلى البحر فركبه ومعه القاضي شرف الدين مسعود الشافعي قاضي طرابلس يريدون القاهرة. ونهب يونس الرماح أموال الناس كافة وفعل ما لا تفعله الكفار. وقتل نحو العشرين رجلاً من المعروفين منهم الشيخ المفتي جمال الدين بن النابلسي الشافعي والخطيب شرف الدين محمود والمحدث القاضي شهاب الدين أحمد بن الأذرعي المالكي والقاضي شهاب الدين الحنفي وموفق الدين الحنبلي. وقتل من العامة ما يقارب الألف وصادر الناس مصادرة كبيرة وأخذ أموالهم. وكانت هذه الكائنة في الخامس عشر منه. وفي سادس عشره: عرض السلطان الملك الناصر المماليك ففقد منهم مائة وثلاثين انهزموا مع أيتمش. وفيه قبض على الأمير بكتمر جلق وتنكر بغا الحططي رأس نوبة وقرمان المنجكي وكمشبغا الخضري وخضر بن عمر بن بكتمر الساقي وعلى بن بلاط الفخري وأسنبغا المحمدي ومحمد بن يونس النوروزي وألجبغا السلطاني وأرغون السيفي وأحمد بن أرغون شاه الأشرفي وناصر الدين محمد بن على بن كلفت نقيب الجيش وألطنبغا الخليلي وسجنوا. ثم أفرج عن قرمان وخضر وابن يونس وابن كلفت وألطنبغا وحمل إلى الإسكندرية منهم مقبل الرومي وبكتمر جلق والحططي وابن بلاط وأسنبغا وألجبغا وأرغون وأحمد بن أرغون شاه. وتأخر وفيه استدعي السلطان الأمير سودون أمير أخور والأمير تمراز من الإسكندرية والأمير نوروز من دمياط فسارت القصاد لإحضارهم. وفي سابع عشره: استقر موفق الدين أحمد بن قاضي القضاة ناصر الدين نصر الله الحنبلي في قضاء القضاة الحنابلة بالقاهرة ومصر بعد وفاة أخيه قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم. واستقر علاء الدين أقبغا المزوق في ولاية الفيوم وكشفها وكشف البهنساوية والأطفيحية وعزل طيبغا الزيني وطلب فهرب. واستقر أيضاً يلبغا الزيني وإلى البهنسا وعزل الضاني. وفي عشرينه: وصل الأمير نوروز من دمياط والأمير سودون والأمير تمراز من الإسكندرية إلى القلعة. وقبلوا الأرض للسلطان ونزلوا إلى دورهم. وكتب إلى الأمير تنم نائب الشام بدخوله في الطاعة. وفي آخره: قدم الأمير بيسق من مكة. وفي هذا الشهر: ارتفعت أسعار المأكولات والمشروبات والملبوسات. وبلغ سعر الرطل من لحم الضاد درهمين ومن البقر درهم وثمن والأردب القمح إلى سبعين درهما ثم نزل إلى خمسين. شهر ربيع الآخر أوله الأحد: في ثانيه: استقر الأمير أقباي الطرنطاي بن حسين شاه حاجب الحجاب. والأمير دقماق المحمدي وفي ثالثه: استقر كل من الأمير اسنبغا العلاي الدوادار والأمير قماري الأسمبغاوي وإلى باب القلة ومنكلي بغا الصلاحي الدوادار وسودون المأموري حاجباً. واستقر تمربغا المحمدي نائب القلعة. وفي خامسه: قدم الأمير أيتمش. ممن معه إلى دمشق فخرج الأمير تنم إلى لقائه وبالغ في إكرامه وإكرام من معه وقدم إليهم تقادم جليلة. وخير في الإقامة فاختار النزول بالميدان وسكني القصر الأبلق فأقام. وعظم شأن تنم بقدوم أيتمش عليه وأطاعه من خالف عليه. وفي ثامنه: قدم عليه كتاب الملك الناصر بمسك أيتمش ومن معه وقدومه إلى مصر فأحضر الكتاب وحامله إلى عند أيتمش وأعلمه بذلك. ثم جهز أيتمش وتغري بردى قصادهما إلى نائب حماة ونائب حلب بدعواهما إلى ما هم عليه فأجابا بالسمع والطاعة. وكان الأمراء بمصر قد اتفقوا أن يكون الأمير بيبرس الدوادار أتابك العساكر فأقاموه صورة بلا معنى. وأنعم على نوروز بإقطاع تغري بردى وعلى تمراز بإقطاع أرغون شاه وعلى سودون أمير أخور بإقطاع فارس. وعلى دقماق بإقطاع يعقوب شاه وعلى الأمير الكبير بيبرس بإقطاع أيتمش إلا النحريرية ومنية بدران وطوخ الجبل فامتنع من قبوله وغضب وأنعم بإقطاع بيبرس على بكتمر الركني وبإقطاع بكتمر على دقماق وبإقطاع دقماق - الذي كان باسم يعقوب وأنعم على كل من كزل بغا الناصري وقماري الأسنبغاوي وشاهين من شيخ إسلام وشيخ السليماني وباشا باي من باكي وتمربغا وحبك من عوض وصوماي الحسني وتمر وأينال حطب وقاني باي العلاي بإمرة طبلخاناه. وعلى كل من بردي بك العلاي وسودن المأموري وألطبغا الخليلي واجترك القاسمي وكزل المحمدي وبيغان الأينالى بإمرة عشرين وعلى كل من أزبك الرمضاني والطبرس العلاي وأسندمر العمري وقرقماس السيفي ومنكلي بغا الصلاحي وأقبغا الجوهري وطيبغا الطولوتمري وقاني باي بن باشا ودمرداش الأحمدي وأقباي السلطاني وأرغون شاه الصالحي ويونس العلاي وجمق ونكباي الأزدمري وأقبغا المحمدي وقاني بك الحسامي وبايزيد من بابا وسودون البجاسي وسودون الشمسي وتمراز من باكي وشكدان وقطلوبغا الحسني وأسنبغا المسافري وسودون النوروزي وقطلو أقتمر المحمدي وقانق وسودون الحمصي وأرزمك وأسن باي وسودون القاسمي بإمرة عشرة. وفي ثامنه: تحالف الأمراء على السفر بالسلطان إلى الشام فامتنع المماليك وهددوا الأمراء. فخالف الأمير سودون طاز وتأخر عن الخدمة واجتمع المماليك بالأمير يشبك وهو ضعيف وحدثوه في أمر السفر فاعتذر. مما هو فيه من الشغل بالمرض. وفيه اختلف الأميران سودون أمير أخور - كان - وسودن طاز وتسابا بسبب سكنى الحراقة من الإصطبل وكادا يقتتلان لولا فرق بينهما الأمير نوروز. ووقع أيضاً بين جركس المصارع وسودون طاز تنافس بسبب الإقطاع وتقابضا و لم يبق إلا أن تثور الفتنة حتى فرق بينهما. وفي عاشره: استقر أمير على ناسب الوجه البحري وعزل بهاء الدين أرسلان. واستقر بلبان والي قليوب وعزل عمر بن الكوراني. ورتب الأمراء أموراً منها إقامة نائب بمصر وعبوا عدة تشاريف لإقامة أرباب وظائف من الأمراء. فلما كان يوم الخميس ثاني عشره خلع على سودون طاز وعمل أمير أخور عوضاً عن سودون الطيار لتأخره بدمشق. وفي رابع عشره: أعيد بدر الدين محمود العين تابي إلى حسبة القاهرة وصرف الجمال الطنبدي. واستقر محمد بن الطويل في ولاية منوف وعزل الشهاب أحمد بن أسد الكردي. واستقر الأمير مبارك شاه حاجبا ثالثاً بتقدمة ألف ولم يقع مثل ذلك فيما تقدم. وفيه قدم قاضي القضاة شرف الدين مسعود من طرابلس ومعه الشريف بدر الدين محمد بن كمال الدين محمد البلدي نقيب الأشراف ووكيل بيت المال بها وأخبر بواقعة طرابلس وقتل قرمش حاجبها وأن المقتولين في الواقعة ألف وسبعمائة واثنان وثلاثون رجلاً وأن النائب أراد إحراقها فاشتراها منه بثلاثمائة وخمسين ألف درهم. وفي ثامن عشره: قدم نائب حماة إلى دمشق فخرج الأمير تنم والأمير أيتمش بالعساكر إلى لقائه وخلع الملك الناصر على أحد الأمراء واستقر حاجباً ثامناً و لم يعهد بمصر مثل ذلك فيما سلف. وفي تاسع عشره: قبض السلطان على الوزير فخر الدين ماجد بن غراب وأخيه سعد الدين إبراهيم ناظر الجيش والخاص والشهاب أحمد بن عمر بن قطنية المتحدث في المكارم والشريف علاء الدين على شاد الدواوين. وتسلمهم أزبك رأس نوبة ووقعت الحوطة على موجودهم. وفي العشرين منه: قبض على الأمير قطلو بك الأستادار وسجن عند صهره زوج ابنته سعد الدين إبراهيم بن غراب. وفي حادي عشرينه: استدعي الوزير بدر الدين محمد بن الطوخي وخلع عليه خلعة الوزارة وخلع على شرف الدين محمد بن الدماميني وكيل بيت المال لنظر الجيش ونظر الخاص. وفي ثالث عشرينه: أفرج عن قرمان المنجكي وقطلو بك العلاي ونقل ابنا غرابا من عند أزبك إلى بيت الأمير قطلوبغا الكركي - شاد الشرابخاناه - فنزلا في داره ومعهما ابن قطينة والشريف علاء الدين علي فأتاهما الناس بكل ضيافة فاخرة وتوقف لذلك حال الوزير ابن الطوخي وابن الدماميني ناظر الخاص. وفي رابع عشرينه: أفرج عن ابن قطينة على مائة ألف درهم وعن الشريف علاء الدين علي وفي سادس عشرينه: توجه المهتار عبد الرحمن على البريد ومعه مائة ألف درهم وخمسون ألف درهم فضة وعدة خلع لأهل الكرك وعلى يده ملطفات لتخذيل العساكر عن تنم نائب الشام. وفي يوم السبت ثامن عشرينه: أفرج عن ابني غراب وخلع عليهما كما كانا. وسلم إليهما ابن الطوخي وابن الدماميني ونقل أبناء التركماني من مشيخة خانقاة قوصون إلى مشيخة خانقاه سرياقوس عوضاً عن شيخ الشيوخ بهاء الدين إسلام ابن شيخ الشيوخ نظام الدين إسحاق الأصبهاني بعد موته. واستقر في مشيخة القوصونية الشيخ شرف الدين أبو يوسف يعقوب بن الشيخ جلال الدين التباني الحنفي. شهر جمادى الأولى أوله الثلاثاء: في ثالثه: قبض سعد الدين بن غراب على شرف الدين محمد بن الدماميني ونقله إلى داره ثم أفرج عنه في ثامنه وخلع عليه بقضاء القضاة بالإسكندرية وخطابة الجامع المغربي بها. واستقر أخوه تاج الدين أبو بكر في حسبة الإسكندرية ونزل ابنا غراب معه إلى داره مجملين له. وفي ليلة الخميس عاشره: كان بمكة - شرفها الله - سيل عظيم بعد مطر غزير امتلأ منه المسجد الحرام حتى دخل الكعبة وعلا على بابها نحو ذراع وهدم عمودين من عمد المسجد وفيه قدم الأمير ألطنبغا العثماني نائب صفد إلى دمشق فأكرمه الأمير تنم وأنزله ثم أعاده إلى صفد في تاسع عشره. وفي يوم الخميس: هذا استقر بهاء الدين محمد بن البرجي في وكالة بيت المال عوضاً عن شرف الدين محمد بن الدماميني. وفي رابع عشره: خلع على الأمير الكبير بيبرس ابن أخت الملك الظاهر لأتابكية العساكر وعلى الأمير نوروز واستقر رأس نوبة كبير. وعلى الأمير تمراز واستقر أمير مجلس. وعلى الأمير سودون واستقر دوادار السلطان وخلع على شرف الدين مسعود واستقر قاضي دمشق عوضاً عن الأخناي.
|